االمحاضرة الثالثة
سمي آدم بهذا الإسم _ والله أعلم_ لأنه خلق من أديم الأرض ،فكان ولده كذلك ، وسميت حواء؛ لأنها مخلوقة من شيئ حي وهو الضلع من ضلع آدم
هناك من زعم بأنها مخلوقة ابتداءً، أي: من تراب أو مما خلقت منه الحور وهو زعفرا ن الجنة وهذا باطل؛ لأن الناس يستدعي أن يكونوا مخلوقين
من نفسين وليس من نفس واحدة وهذا يخالف للنص( القرآن والحديث) وفي هذا فائدة: تنبيه على مراعات حق الأزواج والزوجات
.فبينهم وبينهن أقرب نسب ،وأشد اتصال، وأوثق علاقة
.وقوله ( رجال ونساء) ولم يقل ذكور وإناث لتأكيد الكثرة من الجنسين
.اكتفى بذكر الرجال بالكثرة دون النساء للتغليب أو للمبالغة كما قال الشوكاني
.والحكمة أن شهرة الرجال أتم وخروجهم وبروزهم أظهر واللائق بحال النساء الإستتار والإختفاء
قال أولا: اتقوا ربكم
وقال ثانيا: اتقوا الله
تكرار التقوى لتأكيد الأمر والحث عليه
الأولى ( اتقوا ربكم ): فيها مقام الربوبية دالة على التربية والإحسان وهذا بناءَ على الترغيب
الثانية ( اتقوا الله ): فيها مقام الألوهية الدال على الهيبة والقهر وهذا بناءَ على الترهيب
. فكأنه قال: أنه رباك وأحسن إليك فاتقِ مخالفته ؛ لأنه شديد العقاب عظيم السطوة
(تساءلون ) قَرِأت بالتخفيف والتشديد
.من خفف حذف أحد التائين ومن شدد أدغم التاء في السين ؛ لأنهما يجتمعان في الهمس أو لأن مخرجهما واحد
( والأرحامُ ) معطوفة ، فقرأ حمزة ( والأرحامِ ) لأنها معطوفة على المجرور ( به )
والباقون بنصب الميم ( والأرحامَ) لأنها معطوفة على (واتقوا اللهَ ) فيكون التقدير ( فاتقوا اللهَ واتقوا الأرحامَ ) وقرأت بالرفع على أنها مبتدأ فيكون التقدير ( والأرحامُ صلوها ) والقراءة بالجر ردها أهل العربية
( الأرحامِ ) المجروره ردوها لوجوه
أولا / قالوا أنها معطوفة على مجرور ، ولا يجوز العطف على حرف الجر لأنه كالتنوين
ثانيا/ قالوا بفساد هذه القراءة من جهة المعنى..فالرسول عليه الصلاة والسلام قال ( لا تحلفوا بأآبائكم..الخ )قالوا لا يجوز لأنه حلف بغير الله فكيف بالرحم..! وهو لحن لاتحل القراءة به
.وخطأ عظيم في أصل الدين
يرد على ما سبق:
أولاََ/ أن وجوه الإعراب التي ذكرها النحويون ليست قوية في دفع الرويات الواردة عن القراء ، فحمزة أحد القراء السبعة ولم يأت بالقراءة من عند نفسه بل رواها عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا يجزم بتواترها وقياس النحويين يتضائل عند السماع.
.ثانيا/ يمكن تقدير جار كأن يقال ( تساءلون به وبالأرحامِ) مادام أنه يجيزونه في ضرورة الشعر
.ثالثا/ هذا ليس حلفا وإنما هي حكاية كانوا يفعلونها بالماضي ولا ينافي ورود النهي عنه في المستقبل
:نستفسد من هذه الآيات
أولاً / وجوب التواصل بين الأقارب للحديث الذي رواه البخاري أن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: ( هذا مقام العائذ بك من القطيعة؟ قال نعم ، ألا ترضين أن أصل
من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك ) ثم قال صلى الله عليه وسلم : ( إقرؤوا إن شئتم "فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله "فأصمهم وأعمى أبصارهم
ثانيا / تنبيه العباد على أنه جلبت النفوس على الإقرار به حتى في الجاهلية ، فكان يسأل بعضهم بعضاً بالله عز وجل كما يفعل ذلك المسلمون وقد حث الرسول عليه الصلاة والسلام على قضاء من سأل الحاجة فقال ( من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه)
.ثالثا/ جواز السؤال بالرحم على غير قصد القسم وكان المقصود به الإستعطاف
ختمت الآية ( إن الله كان عليكم رقيبا ) ناسب الختم؛ لما في مضمونها من الأمر بالتقوى وصلة الأرحام ففيه وعد ووعيد، وترغيب وترهيب. وأكدت الآية بعدة مؤكدات
(إن الله كان عليكم رقيبا) ( المؤكدات 1- إن 2- الله 3- كان 4- عليكم . الجار والمجرور)
.أي : ياأيها الإنسان راقب الله في السر والعلن. وهذا الختم للآية يناسب ما ذكر فيها من الأمر وصلة الرحم
]..انتهت
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا*...