وبه نستعين
المحاضرة الخامسة ..
,,
قال تعالى (لا تقتلوا أولادكم من إملاق..) الآية
هنا أريد به النهي عن الوأد وكان لإهل الجاهلية أوهام وتشريعات باطلة في أولادهم وهي:
أولا:قتل الإناث قبل الذكور لأنها تجلب العار بزعمهم أو لأنهن السبب في جبن الأبناء عند لقاء العدو أو لأنهم يفضلن أزواجهن على أولادهم
أولأنهن يفضلن أزواجهن على أبنائهن فقتلهن أصلح وأنفع في ظنهم.
ثانيا:قتل الإناث اللآتي منهن زرقاء أو برشاء أو شيماء تشاؤم بهن.
ثالثا:يتساوى القتل في الذكر والإنثى مخافة الفقر وكان في الجاهلية من يكفل المولوده حتى تكبر ثم يدفعها لأبيها إن هوأرادها.
رابعا:هناك نذور وتقرب للأصنام كما فعل عبدالمطلب حين نذر إن رزقه الله عشرة أولاد أن ينحر أحدهم عند الكعبة
وكون الإملاق علة لقتل الاولاد يقع على وجهين إما حاصل بالفعل وهو المراد هنا ( من إملاق )
أو متوقع الحصول وهو المراد بآية الإسراء ( ولا تقتلو أولادكم خشية إملاق )
وجملة نحن نرزقكم وإياهم علة للنهي عن قتلهم وإدخال لمعذرتهم وجاد بالضمير ( نحن ) للتذكير بالذي أمر بذلك كله
ولتأكيد وتصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سبحانه رزقهم مع رزق آبائهم وقدم رزق الأبناء إشارة إلى أنه كما رزق الآباء فلن يموتوا جوعا كذلك فيرزق الأبناء كما أن الفقر اعترا الآباء,فلم يقتل لأجله الأبناء.
وقوله ( ولا تقربوا الفواحش ) نهى عن اقتراف الآثام وقد نهى عن القرب منها وهو أبلغ من التحذير من الوقوع فيها لأن القرب من الشيء مظنة الوقوع فيه,
ولما لم يكن للإثم قرب وبعد إذ القربان يكون في الأمكنة كان النهي
عنه كناية عن الوقوع في الإثم في كل شيء فالنهي عن قرب الأثم من أولى النهي عن الإثم.
الفواحش هو: تجاوز الحد المعروف في الفعل والقول وعند العرب تجاوز حد الأدب لأن وساوس النفس تؤول إلى مضره كشرب الخمر والزنا والكذب ... وغيرها
قوله ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله ) أعقب النهي عن قتل النفس على اعتبار أن ذلك من الفواحش على سبيل ذكرالأعم ثم الأخص
فهو فساد عظيم ومتفشي عند العرب.
قال تعالى : (ولا تقربوا مال اليتيم ) ابتداء الوصايا بالتي تخص تعامل الناس بعضم مع بعض ابتداء بحفظ حق الضعيف الذي لا يستطيع الدفاع عن حقه في ماله وهو اليتيم وإنما جائت الوصاية في حفظ ماله.
لأن ذلك مظنةالإعتداء عليه من الولي ومظنة انعدام المُدافع عنه فما من ضعيف عندهم إلا وله من الأقارب والموالي ومن يدافع عنه إذا استأجره أو استنجد أما اليتيم فإن الإعتداءعليه إنما يكون من أقرب الناس إليه.
وهو وليه حيث أن الأقارب عندهم هم الذين يتولون يتاماهم واليتيم مظنة الإضاعة,فلذلك لم يوصي الله تعالى بمال غير اليتيم و أحسن اسم تفضيل قال هنا ( لا تقربوا ) فيه تحذير من أخذ ماله ولو بأقل أحوال الأخذ لأنه لا يدافع عن نفسه ولذا لم يقل( لاتأكلوا )كما سبق.
الأشد : اسم يدل على قوة الإنسان ,قوله تعالى ( أوفوا الكيل والميزان بالقسط ) كانوا يبيعون التمر والزبيب كيلا وكانوا يوازنون الذهب والفضة,
فيطفّفون حرصا على الربح فأمرهم بالوفاء وعدل عن النهي وأتى بالأمر ( أوفوا) فيه
أولا:إشارة إلى أنهم مأمورون بالحد الذي يتحقق فيه العدل وافيا وعدم النقص يساويالوفاء
ثانيا:الإهتمام بالإيفاء فتكون النفوس ملتفتة إلى الوفاء لا إلى جانب التنقص.
ثالثا:تذكيرهم بالسخاء الذي كانوا يتمادحون به وفي العموم هذا تنبيه لهم إذا لم يوفوا بالكيل فهو دليل على إخلال أخلاقهم وعدم توازنها
والوصاية بالإيفاء بالكيل والميزان راجعة إلى حفظ مال المشتري لآنها مظنة إضاعة.
وقوله ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) متعلقة بالتي قبلها أي لا نكلفكم تمام القسط بالكيل والميزان تمام بالحبة والذره ولكن نكلفكم ما تظنون أنه عدل ووفاء وهذا الإحتراس حتى لا يترك الناس التعامل بينهم مخافة الغلط والغفلة.
فيؤدي هذا إلى تعطيل منافع كثيره وعدل عن اسلوب الغيبه إلى أسلوب الخطاب المباشر من الله تعالى إلى الناس( لا نكلف )
فيه بيان الإمتثال وزيادة لأنه من الله وتصديق المبلّغ عليه الصلاة والسلام.
فائدة:
وجوب حفظ المال فيما هو امت من التطفيف وتجنب الاعداء في الحال