بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ، وبعد :
هذه المحاضرات تمت كتابتها عن الدكتورة ـ أثابها الله ـ أثناء إلقائها ولم تتم مراجعتها من قبلها ، نسأل الله التوفيق والسداد والعلم النافع للجميع .
ملاحظة : ما وضع بين معكوفتين [ ] لم يكتب عن الدكتورة وإنما مني وأنا أتبع هذه الطريقة مع نفسي فوضعته للفائدة لأنه أراه يقرب الفهم .
سورة الإسراء :
نزولها : مكية وقيل إلا آية أو آيتين ، فهي مكية بمجملها .
أسماؤها :
1/ سورة الإسراء ، وهذا الاسم بناء على الشهرة ، ولم يرد هذا الاسم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم ، وجاءت الشهرة من تسميتها في كتب تفسير أهل السنة بهذا الاسم ( الإسراء ) .
وجه تسميتها به : لأنها ذكرت معجزة الإسراء .
والإسراء معناه : السير ليلا .
2/ سورة بني إسرائيل ، وهذه التسمية وردت في بغض الأحاديث الصحيحة عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه : سورة بني إسرائيل والكهف ومريم ... هن من العتاق الأول وهن من تَلادي .
العتاق الأول : العتيق القديم ، أي : هن من أول ما تعلمه ابن مسعود رضي الله عنه من القرآن.
تَلادي : افتخر بها لأن هذا السور لها فضل لما فيها من القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وجه تسميتها به : لذكر تشرد بني إسرائيل ، ولم يذكر تشردهم في سورة غيرها .
3/ سورة سبحان ، ووجه التسمية به : افتتاحها بـ سبحان الذي .
وتسمية السورة بأول كلمة ترد فيها من هدي السلف رحمهم الله ، وإذا كانت أول كلمة في السورة مشتركة مع كذا سورة يذكرون الكلمة التي بعدها لتتميز بينها وبين غيرها ، [ مثل : " الم ، تنزيل " يعنون بها سورة السجدة ] .
قاعدة في تسمية السور :
أسماء السور تكون لـ :.
أ/ قصة أو موضوع ورد في السورة تسمى السورة به ، مثل : سورة الإسراء .
ب/ لفظة وردت في السورة ، مثل : سورة النحل وسورة النمل .
ج/ حادثة وقعت وإن لم تقع اللفظة بعينها ، مثل : سورة التوبة .
فضل السورة :
1/ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرئني يا رسول الله . فقال : اقرأ ثلاثاً من ذوات الر . فقال : كبرت سني واشتد قلبي وغلظ لساني .فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات حم. فقال الرجل مثل مقالته . فقال: اقرأ ثلاثاً من المسبحات. فقال الرجل مثل مقالته، ثم قال : يا رسول الله اقرئني سورة جامعة . فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم :{ إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى فرغ منها. قال الرجل: والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها، ثم أدبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل أفلح الرويجل ". وهو حديث حسن .
ووجه دخولها في الحديث أنها من المسبحات ، والسورة الممفتتحة بـ سبحان هي :
الإسراء والحديد والحشر والصف و الجمعة والتغابن والأعلى .
وبعض العلماء لا يعد الإسراء منها لأن السور الست بعدها من المفصل والإسراء ليست منه .
وقد ورد في فضل المسبحات حديث آخر وهو حديث ضعيف وإن ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره وهو : إن فيهن ( أي : المسبحات ) آية أفضل من ألف آية .
وقال ابن كثير أن هذه الآية هي قوله تعالى في سورة الحشر : " هو الأول والآخر والظاهر والباطن ... " .
2/ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر . أخرجه الترمذي وأحمد وابن خزيمة وصححه الألباني وقال : رجال إسناده ثقات .
توجيه القراءات :
قال تعالى : " وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) "
فيها قراءتان : بالغيب والخطاب .
ـ الغيب حكاية عن بني إسرائيل ، وأن تكون مصدرية مجرورة بلام مقدرة .
والمعنى : لئلا يتخذوا من دوني وكيلا . ففيه استحضار معنى الحكاية [ لا ذكرها كما قيلت ].
ـ الخطاب وهو الأصل في حكاية الأقوال ، وأن هنا تفسيرية لما تضمنه الكتاب ، واقتصر على ذكر التوحيد [ ضد الشرك ] لأنه أهم شيء في الرسالة .
قال تعالى : " إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) "
" لنسوء " :النون في الفعل أفادت الخبر وتعظيم الفاعل . وهذه قاعدة في النون مع الأفعال ، والفاعل هو الله جل وعلا .
" ليسوء " أفادت الخبر فقط . وعود الضمير ( الفاعل ) على قولين : إما يعود على الله جل وعلا بتقدير: ليسوء الله وجوههم . أو على الوعد والتقدير :ليسوء الوعد وجوههم .
" ليسوءوا " : جمع مراعاة لسياق الآيات قبلها ، والفاعل : القوم أولي البأس الشديد .
ـ الرسم : قراءة الإفراد " لنسوء ، ليسوء " وافقت الرسم تحقيقا ، وقراءة الجمع وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) "
ويلقاه : فيها قراءتان : التخفيف والتشديد .
ـ التخفيف من لَقِي .
ـ التشديد من لَقَّى .
واللقيا في الآية معناه : يجده ، ويُلقاه : فيها زيادة التشديد ، والفعل فيه مبني لما لم يسم فاعله ( مبني للمفعول ) فأفادت زيادة مبالغة في الفرح أو الحزن لأن الكتاب يظهر فجأة .[ التشديد ينصب مفعولين ] .
قال تعالى : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) "
يبلغن / يبلغان .
ـ يبلغان : يبلغ : فعل ، والنون : نون التوكيد المشددة ، وألف التثنية : فاعل .
أحدهما : بدل .
كلاهما : معطوفة على أحدهما .
وعطف على التثنية لبيان أن الحكم لا يختص باجتماعهما .
ـ يبلغن : يبلغ : فعل ، والنون : نون التوكيد المشددة .
أحدهما : فاعل .
على المشهور في النحو أن الفاعل إذا كان اسما ظاهرا يلزم الإفراد في الفعل .
أف : وردت هذه الكلمة في ثلاث سور : الأحقاف والأنبياء والإسراء.
وهي : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر ، والمقصود في هذا الموضع : النهي المطلق عن الأذى ، وفيها ثلاث قراءات : أفٍ ، أف َ ، أفِ ، وهي لغات .
قال تعالى : " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) "
خطئا فيها ثلاث قراءات :
قراءة ابن كثير: مصدر على وزن فعالا بمعنى الإثم أفاد معنى المبالغة .
قراءة ابن ذكوان ( خَطَاءا ) : من أخطأ ، وهو ضد العمد فليس عليه عقاب ، وحجتها قوله تعالى : " وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم "
قراءة الباقون : مصدر خطئ بمعنى آثم ، وحجته قوله تعالى : " إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين " وقوله : " ناصية كاذبة خاطئة " .
والقراءات الثلاث وافقت الرسم تحقيقا .
قول الناظم مصوب : أشار إلى تضعيف بعض النحويين للقراءة ، وقال أبو شامة وهو أحد الشراح : أشار إلى توجيه القراءة وهو أنه ضد العمد .
قال تعالى : " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) "
يسرف / تسرف .
ـ الخطاب ( تسرف ): للنبي صلى الله عليه وسلم والولاة من بعده.
في الجاهلية إذا قتل القاتل يقتلون الرجل الموازي له في المكانة ؛ لأن القاتل قد لا يوازي المقتول قدرا ، أو أنهم يرون أن دية مقتولهم 10 من القبيلة الثانية أو أكثر . وهذا موجود في بعض الدول العربية الآن .
لذا قال : " فلا تسرف في القتل " لا يذهب لغيره أو يقتل بواحد أكثر منه ، والمعنى : فلا تقتل بالمقتول ظلما غير قاتله.
ـ الغيب ( يسرف ) : في الفاعل قولان :
1/ ولي المقتول (عامة الناس) .
2/ الولي ( ولي الأمر ) ، وعلى هذا يكون الفاعل في القراءتين واحد فتدخل الآية على هذا الوجه في قاعدة الالتفات .
*قاعدة الالتفات : الالتفات وجه بلاغي ، إذا تغير الفاعل يخرج من قاعدة الالتفات ويدخل في قاعدة اختلاف الفاعل ، لأن تغير الفاعل يغير معنى الآية والالتفات وجه بلاغي لا يدخل في معنى الآية والأصل فيه :ه تطريب إذن السامع ولا يخلو من فوائد أخرى تكون على حسب سياق الآية .
قال تعالى : " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)"
القسطاس : قيل أصل الكلمة اسم أعجمي ، وهو اسم للميزان ، ويكن أن يستعار للعدل لأن الميزان آلة العدل ، وهما لغتان .
تكليف بمسألة الأسماء الأعجمية في القرآن .
هل هناك خلاف بين العلماء ؟ وما الضابط في هذه الأسماء ؟ خصوصا مع ورود آيات نصت على أن القرآن عربي ، فهل تنافي عربية القرآن لو قيل أنها وردت ؟
قال تعالى : " كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) " .
فيها قراءتان :
ـ سَيِئَةً : ضد الحسنة في المعنى ، وهي مفردة .
فالمعنى : كل ما سبق ذكره سيء مكروه منهي عنه ، وإذا كان كذلك يجب الإقلاع عنه .
ـ سَيِئُهُ : ذكر أمورا سيئة ثم قال : سيئه فهو موهم أن هناك مما ذكر حسن ، لأن المراد : ما سبق ذكره سيء في الشرع والعقل ، كأنه قال : أعمل فكرك ، هل هناك شيء مما ذكر غير مكروه ؟ وهذا وجه بلاغي .
وكلا القراءتين وافقت الرسم تحقيقا .
قال تعالى : " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) "
ليذكروا وردت في سورة الفرقان أيضا ، وهي تندرج تحت قاعدة التخفيف والتشديد .
التخفيف من الفعل : ذَكَر.
التشديد من الفعل : ذَكَّر .
*قاعدة عامة :
التخفيف مجمل لأنه يحتمل معنيين ، يحتمل إرادة الكثرة وإرادة مرة واحدة .
والتشديد يحتمل التكثير فقط .
ـ كيفية العمل بالقاعدة :
أنزل التكثير والتقليل على معنى الفعل ، فعلى هذه الآية يكون المعنى ليذكروا مرة بعد مرة .
قال تعالى :" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) "
في الآية قراءتان :
ـ يقولون/ غيب وفيه مراعاة للسياق .
ـ تقولون/ خطاب ، وأفاد الالتفات لأن الذين يتكلم عنهم قوم غُيَب .وهو على الأصل في الحكاية
وهنا قاعدة الالتفات .
قال تعالى : " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)" .
فيها قراءتان : التذكير والتأنيث ؛ وجاز التذكير والتأنيث لأن الفاعل مجازي التأنيث فصل بينه وبين فعله بفاصل .
قال تعالى : " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) "
على القراءتين هو اسم للراجِل : وهو الماشي ، والمقصود رجل [ جمع رجال مثل صحب ]، وهي لغات .
من قواعد العرب أنه إذا توالت ضمتان أو كسرتان في كلمة يسكن الحرف الثاني ، أما الفتحة فلا .
قال تعالى : " أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69) "
ـ نخسف : النون أفادت الخبر وأفادت وجه بلاغي وهو تعظيم الفاعل وفيها التفات .
يخسف: الياء أفادت الخبر .
قال تعالى : " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)"
خلفك / خلافك : كلاهما بمعنى لا يلبثون بعدك ،
وقراءة ( خلافك ) الشاهد عليها قوله تعالى : " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله " .
خلفك وافقت الرسم تحقيقا ، وخلافك وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) "
نأى / ناء ، ووردت هذه الكلمة في سورة فصلت أيضا .
النائي : البعيد .
ناء : أصبح في الكلمة مد متصل ، وفي هذه الرواية قلب مكاني ( إعلال ) .
وهو لغة من لغات العرب والهدف منه التخفيف ، تكون الهمزة أخف وأسهل نطقا إذا كانت قبل حرف المد ، والهمزة بعد حرف المد قد تخفى .
التخفيف شيء نسبي ويعتمد على اللهجات .
( هذا ما كتبته من الدكتورة الفاضلة وأشك بوجود نقص أو خطأ في كتابتي )
قال تعالى : "وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)"
"حتى تفجر " سياق الآيات على التشديد [ لأنها في الآية الثانية مشددة ] وأفاد التأكيد والمبالغة .
تفجر في الآية الثانية (91 ) اتفقوا على تشديدها لأنها مؤكدة بالمصدر.
قال تعالى : " أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) "
السكون والكسر في السين لغات ، الكسر على الجمع ، والسكون مصدر وكلاهما بمعنى القطع .
[ كسِفا : أي قطعا متعددة ، وكسْفا : قطعة واحدة من السماء ( مثل التوجيه في قوله تعالى في سورة يونس : " كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما " )].
قال تعالى : " أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)"
قل : فعل أمر وهو للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه القراءة وافقت الرسم تحقيقا .
قال : إخبار عنه صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه امتثل لهذا الأمر ، وهذه القراءة وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) "
علمتُ/ علمتَ.
علمتُ : التاء للمتكلم ، في محل رفع فاعل عائدة على موسى عليه السلام ، ومعناه : تيقنت وهذا للدلالة على عدم شكه في هذا ، فالعلم هنا بمعنى اليقين .
علمتَ : فيها توجيهان :
1/ بمعنى تيقنتَ ، ويشهد له قوله تعالى : " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " .
2/ بعض العلماء استشكلوا معنى تيقن فرعون لأنه منكر فوجهوا القراءة أنه لما كان حقيقة ليس إلا إله واحد أخبر بها وكأنها حقيقة مسلمة ولو كذب بها فرعون .
هذا ما يسر الله كتابته وأعان عليها فما فيه من صواب فمن الله وحده وما فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان ، ومن لديها أي تصحيح أو توضيح فلتشارك به مشكورة مأجورة بإذن الله .
[center]
في داخــل هذا الملف يوجد التعديل والفرش والتوجيه
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين ، وبعد :
هذه المحاضرات تمت كتابتها عن الدكتورة ـ أثابها الله ـ أثناء إلقائها ولم تتم مراجعتها من قبلها ، نسأل الله التوفيق والسداد والعلم النافع للجميع .
ملاحظة : ما وضع بين معكوفتين [ ] لم يكتب عن الدكتورة وإنما مني وأنا أتبع هذه الطريقة مع نفسي فوضعته للفائدة لأنه أراه يقرب الفهم .
سورة الإسراء :
نزولها : مكية وقيل إلا آية أو آيتين ، فهي مكية بمجملها .
أسماؤها :
1/ سورة الإسراء ، وهذا الاسم بناء على الشهرة ، ولم يرد هذا الاسم عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضوان الله عليهم ، وجاءت الشهرة من تسميتها في كتب تفسير أهل السنة بهذا الاسم ( الإسراء ) .
وجه تسميتها به : لأنها ذكرت معجزة الإسراء .
والإسراء معناه : السير ليلا .
2/ سورة بني إسرائيل ، وهذه التسمية وردت في بغض الأحاديث الصحيحة عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه : سورة بني إسرائيل والكهف ومريم ... هن من العتاق الأول وهن من تَلادي .
العتاق الأول : العتيق القديم ، أي : هن من أول ما تعلمه ابن مسعود رضي الله عنه من القرآن.
تَلادي : افتخر بها لأن هذا السور لها فضل لما فيها من القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وجه تسميتها به : لذكر تشرد بني إسرائيل ، ولم يذكر تشردهم في سورة غيرها .
3/ سورة سبحان ، ووجه التسمية به : افتتاحها بـ سبحان الذي .
وتسمية السورة بأول كلمة ترد فيها من هدي السلف رحمهم الله ، وإذا كانت أول كلمة في السورة مشتركة مع كذا سورة يذكرون الكلمة التي بعدها لتتميز بينها وبين غيرها ، [ مثل : " الم ، تنزيل " يعنون بها سورة السجدة ] .
قاعدة في تسمية السور :
أسماء السور تكون لـ :.
أ/ قصة أو موضوع ورد في السورة تسمى السورة به ، مثل : سورة الإسراء .
ب/ لفظة وردت في السورة ، مثل : سورة النحل وسورة النمل .
ج/ حادثة وقعت وإن لم تقع اللفظة بعينها ، مثل : سورة التوبة .
فضل السورة :
1/ عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اقرئني يا رسول الله . فقال : اقرأ ثلاثاً من ذوات الر . فقال : كبرت سني واشتد قلبي وغلظ لساني .فقال: اقرأ ثلاثاً من ذوات حم. فقال الرجل مثل مقالته . فقال: اقرأ ثلاثاً من المسبحات. فقال الرجل مثل مقالته، ثم قال : يا رسول الله اقرئني سورة جامعة . فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم :{ إذا زلزلت الأرض زلزالها } حتى فرغ منها. قال الرجل: والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها، ثم أدبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح الرويجل أفلح الرويجل ". وهو حديث حسن .
ووجه دخولها في الحديث أنها من المسبحات ، والسورة الممفتتحة بـ سبحان هي :
الإسراء والحديد والحشر والصف و الجمعة والتغابن والأعلى .
وبعض العلماء لا يعد الإسراء منها لأن السور الست بعدها من المفصل والإسراء ليست منه .
وقد ورد في فضل المسبحات حديث آخر وهو حديث ضعيف وإن ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره وهو : إن فيهن ( أي : المسبحات ) آية أفضل من ألف آية .
وقال ابن كثير أن هذه الآية هي قوله تعالى في سورة الحشر : " هو الأول والآخر والظاهر والباطن ... " .
2/ عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر . أخرجه الترمذي وأحمد وابن خزيمة وصححه الألباني وقال : رجال إسناده ثقات .
توجيه القراءات :
قال تعالى : " وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2) "
فيها قراءتان : بالغيب والخطاب .
ـ الغيب حكاية عن بني إسرائيل ، وأن تكون مصدرية مجرورة بلام مقدرة .
والمعنى : لئلا يتخذوا من دوني وكيلا . ففيه استحضار معنى الحكاية [ لا ذكرها كما قيلت ].
ـ الخطاب وهو الأصل في حكاية الأقوال ، وأن هنا تفسيرية لما تضمنه الكتاب ، واقتصر على ذكر التوحيد [ ضد الشرك ] لأنه أهم شيء في الرسالة .
قال تعالى : " إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) "
" لنسوء " :النون في الفعل أفادت الخبر وتعظيم الفاعل . وهذه قاعدة في النون مع الأفعال ، والفاعل هو الله جل وعلا .
" ليسوء " أفادت الخبر فقط . وعود الضمير ( الفاعل ) على قولين : إما يعود على الله جل وعلا بتقدير: ليسوء الله وجوههم . أو على الوعد والتقدير :ليسوء الوعد وجوههم .
" ليسوءوا " : جمع مراعاة لسياق الآيات قبلها ، والفاعل : القوم أولي البأس الشديد .
ـ الرسم : قراءة الإفراد " لنسوء ، ليسوء " وافقت الرسم تحقيقا ، وقراءة الجمع وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) "
ويلقاه : فيها قراءتان : التخفيف والتشديد .
ـ التخفيف من لَقِي .
ـ التشديد من لَقَّى .
واللقيا في الآية معناه : يجده ، ويُلقاه : فيها زيادة التشديد ، والفعل فيه مبني لما لم يسم فاعله ( مبني للمفعول ) فأفادت زيادة مبالغة في الفرح أو الحزن لأن الكتاب يظهر فجأة .[ التشديد ينصب مفعولين ] .
قال تعالى : " وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) "
يبلغن / يبلغان .
ـ يبلغان : يبلغ : فعل ، والنون : نون التوكيد المشددة ، وألف التثنية : فاعل .
أحدهما : بدل .
كلاهما : معطوفة على أحدهما .
وعطف على التثنية لبيان أن الحكم لا يختص باجتماعهما .
ـ يبلغن : يبلغ : فعل ، والنون : نون التوكيد المشددة .
أحدهما : فاعل .
على المشهور في النحو أن الفاعل إذا كان اسما ظاهرا يلزم الإفراد في الفعل .
أف : وردت هذه الكلمة في ثلاث سور : الأحقاف والأنبياء والإسراء.
وهي : اسم فعل مضارع بمعنى أتضجر ، والمقصود في هذا الموضع : النهي المطلق عن الأذى ، وفيها ثلاث قراءات : أفٍ ، أف َ ، أفِ ، وهي لغات .
قال تعالى : " وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) "
خطئا فيها ثلاث قراءات :
قراءة ابن كثير: مصدر على وزن فعالا بمعنى الإثم أفاد معنى المبالغة .
قراءة ابن ذكوان ( خَطَاءا ) : من أخطأ ، وهو ضد العمد فليس عليه عقاب ، وحجتها قوله تعالى : " وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم "
قراءة الباقون : مصدر خطئ بمعنى آثم ، وحجته قوله تعالى : " إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين " وقوله : " ناصية كاذبة خاطئة " .
والقراءات الثلاث وافقت الرسم تحقيقا .
قول الناظم مصوب : أشار إلى تضعيف بعض النحويين للقراءة ، وقال أبو شامة وهو أحد الشراح : أشار إلى توجيه القراءة وهو أنه ضد العمد .
قال تعالى : " وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) "
يسرف / تسرف .
ـ الخطاب ( تسرف ): للنبي صلى الله عليه وسلم والولاة من بعده.
في الجاهلية إذا قتل القاتل يقتلون الرجل الموازي له في المكانة ؛ لأن القاتل قد لا يوازي المقتول قدرا ، أو أنهم يرون أن دية مقتولهم 10 من القبيلة الثانية أو أكثر . وهذا موجود في بعض الدول العربية الآن .
لذا قال : " فلا تسرف في القتل " لا يذهب لغيره أو يقتل بواحد أكثر منه ، والمعنى : فلا تقتل بالمقتول ظلما غير قاتله.
ـ الغيب ( يسرف ) : في الفاعل قولان :
1/ ولي المقتول (عامة الناس) .
2/ الولي ( ولي الأمر ) ، وعلى هذا يكون الفاعل في القراءتين واحد فتدخل الآية على هذا الوجه في قاعدة الالتفات .
*قاعدة الالتفات : الالتفات وجه بلاغي ، إذا تغير الفاعل يخرج من قاعدة الالتفات ويدخل في قاعدة اختلاف الفاعل ، لأن تغير الفاعل يغير معنى الآية والالتفات وجه بلاغي لا يدخل في معنى الآية والأصل فيه :ه تطريب إذن السامع ولا يخلو من فوائد أخرى تكون على حسب سياق الآية .
قال تعالى : " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (35)"
القسطاس : قيل أصل الكلمة اسم أعجمي ، وهو اسم للميزان ، ويكن أن يستعار للعدل لأن الميزان آلة العدل ، وهما لغتان .
تكليف بمسألة الأسماء الأعجمية في القرآن .
هل هناك خلاف بين العلماء ؟ وما الضابط في هذه الأسماء ؟ خصوصا مع ورود آيات نصت على أن القرآن عربي ، فهل تنافي عربية القرآن لو قيل أنها وردت ؟
قال تعالى : " كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) " .
فيها قراءتان :
ـ سَيِئَةً : ضد الحسنة في المعنى ، وهي مفردة .
فالمعنى : كل ما سبق ذكره سيء مكروه منهي عنه ، وإذا كان كذلك يجب الإقلاع عنه .
ـ سَيِئُهُ : ذكر أمورا سيئة ثم قال : سيئه فهو موهم أن هناك مما ذكر حسن ، لأن المراد : ما سبق ذكره سيء في الشرع والعقل ، كأنه قال : أعمل فكرك ، هل هناك شيء مما ذكر غير مكروه ؟ وهذا وجه بلاغي .
وكلا القراءتين وافقت الرسم تحقيقا .
قال تعالى : " وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) "
ليذكروا وردت في سورة الفرقان أيضا ، وهي تندرج تحت قاعدة التخفيف والتشديد .
التخفيف من الفعل : ذَكَر.
التشديد من الفعل : ذَكَّر .
*قاعدة عامة :
التخفيف مجمل لأنه يحتمل معنيين ، يحتمل إرادة الكثرة وإرادة مرة واحدة .
والتشديد يحتمل التكثير فقط .
ـ كيفية العمل بالقاعدة :
أنزل التكثير والتقليل على معنى الفعل ، فعلى هذه الآية يكون المعنى ليذكروا مرة بعد مرة .
قال تعالى :" سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) "
في الآية قراءتان :
ـ يقولون/ غيب وفيه مراعاة للسياق .
ـ تقولون/ خطاب ، وأفاد الالتفات لأن الذين يتكلم عنهم قوم غُيَب .وهو على الأصل في الحكاية
وهنا قاعدة الالتفات .
قال تعالى : " تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)" .
فيها قراءتان : التذكير والتأنيث ؛ وجاز التذكير والتأنيث لأن الفاعل مجازي التأنيث فصل بينه وبين فعله بفاصل .
قال تعالى : " وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) "
على القراءتين هو اسم للراجِل : وهو الماشي ، والمقصود رجل [ جمع رجال مثل صحب ]، وهي لغات .
من قواعد العرب أنه إذا توالت ضمتان أو كسرتان في كلمة يسكن الحرف الثاني ، أما الفتحة فلا .
قال تعالى : " أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69) "
ـ نخسف : النون أفادت الخبر وأفادت وجه بلاغي وهو تعظيم الفاعل وفيها التفات .
يخسف: الياء أفادت الخبر .
قال تعالى : " وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76)"
خلفك / خلافك : كلاهما بمعنى لا يلبثون بعدك ،
وقراءة ( خلافك ) الشاهد عليها قوله تعالى : " فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله " .
خلفك وافقت الرسم تحقيقا ، وخلافك وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) "
نأى / ناء ، ووردت هذه الكلمة في سورة فصلت أيضا .
النائي : البعيد .
ناء : أصبح في الكلمة مد متصل ، وفي هذه الرواية قلب مكاني ( إعلال ) .
وهو لغة من لغات العرب والهدف منه التخفيف ، تكون الهمزة أخف وأسهل نطقا إذا كانت قبل حرف المد ، والهمزة بعد حرف المد قد تخفى .
التخفيف شيء نسبي ويعتمد على اللهجات .
( هذا ما كتبته من الدكتورة الفاضلة وأشك بوجود نقص أو خطأ في كتابتي )
قال تعالى : "وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91)"
"حتى تفجر " سياق الآيات على التشديد [ لأنها في الآية الثانية مشددة ] وأفاد التأكيد والمبالغة .
تفجر في الآية الثانية (91 ) اتفقوا على تشديدها لأنها مؤكدة بالمصدر.
قال تعالى : " أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) "
السكون والكسر في السين لغات ، الكسر على الجمع ، والسكون مصدر وكلاهما بمعنى القطع .
[ كسِفا : أي قطعا متعددة ، وكسْفا : قطعة واحدة من السماء ( مثل التوجيه في قوله تعالى في سورة يونس : " كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما " )].
قال تعالى : " أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)"
قل : فعل أمر وهو للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذه القراءة وافقت الرسم تحقيقا .
قال : إخبار عنه صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه امتثل لهذا الأمر ، وهذه القراءة وافقت الرسم تقديرا .
قال تعالى : " وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) "
علمتُ/ علمتَ.
علمتُ : التاء للمتكلم ، في محل رفع فاعل عائدة على موسى عليه السلام ، ومعناه : تيقنت وهذا للدلالة على عدم شكه في هذا ، فالعلم هنا بمعنى اليقين .
علمتَ : فيها توجيهان :
1/ بمعنى تيقنتَ ، ويشهد له قوله تعالى : " وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " .
2/ بعض العلماء استشكلوا معنى تيقن فرعون لأنه منكر فوجهوا القراءة أنه لما كان حقيقة ليس إلا إله واحد أخبر بها وكأنها حقيقة مسلمة ولو كذب بها فرعون .
هذا ما يسر الله كتابته وأعان عليها فما فيه من صواب فمن الله وحده وما فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان ، ومن لديها أي تصحيح أو توضيح فلتشارك به مشكورة مأجورة بإذن الله .
[center]
في داخــل هذا الملف يوجد التعديل والفرش والتوجيه