بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإسراء ( 22-23)
(لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا )سورة الإسراء ( 22-23)
تذييل هو فذلك لاختلاف أحوال المسلمين والمشركين ، فإن خلاصة أسباب الفوز ترك الشرك لأن ذلك هو مبدأ الإقبال على العمل الصالح فهو أول خطوات السعي لمريد الآخرة ،
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم تبعٌ لخطاب قوله : انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض ( الإسراء : 21 ) . والمقصود إسماعُ الخطاب غيره
(وتقعد ) مستعار لمعنى المكث والدوام . أريد بهذه الاستعارة تعريض بالمشركين لأنهم متلبسون بالذم والخذلان . فإن لم يقلعوا عن الشرك داموا في الذم والخذلان .
والمذموم : المذكور بالسوء والعيب .
والمخذول : الذي أسلمه ناصره .
إذ أعظم سُخرية أن يتخذ المرء حجراً أو عُوداً رباً له ويعبده.
________________________________________
(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا )
عطف على الكلام السابق , وهذه الآيات أول تفصيل للشريعة للمسلمين وقع بمكة ، وأن ما ذكر في هذه الآيات مقصود به تعليم المسلمين.
و هذه الآية افتتحت بفعل القضاء المقتضي الإلزام ، وهو مناسب لخطاب أمة تمتثل أمر ربها .
و هذه الآية فصل فيها حكم البر بالوالدين وحكم القتل وحكم الإنفاق ما لم يفصل في آية الأنعام .
وكان ما ذكر في هذه الآيات خمسة عشر تشريعاً هي أصول التشريع الراجع إلى نظام المجتمع .
وافتتحت هذه الأحكام والوصايا بفعل القضاء اهتماماً به وأنه مما أمر الله به أمراً جازماً وحكماً لازماً و ابتدئ هذا التشريع بذكر أصل الشريعة كلها وهو توحيد الله
وعطف الأمر بالإحسان إلى الوالدين على ما هو في معنى الأمر بعبادة الله لأن الله هو الخالق فاستحق العبادة لأنه أوجد الناس . ولما جعل الله الأبوين مظهرَ إيجاد الناس أمر بالإحسان إليهما ، وجملة ( إما يبلغن ) أي إن يبلغ أحدُ الوالدين أو كلاهما حد الكبَر وهما عندك
وخص هذه الحالة بالبيان لأنها مظنة انتفاء الإحسان بما يلقى الولد من أبيه وأمّه من مشقة القيام بشؤونهما ومن سوء الخلق منهما .
فالاحتياج إلى(أو كلاهما ) في هذه الصورة للتحذير من اعتذار الابن لنفسه عن التقصير بأن حالة اجتماع الأبوين أحرَج عليه ، فلأجل ذلك ذكرت الحالتان وأجري الحكم عليهما على السواء .
( أف ) اسم فعل مضارع معناه أتضجر
وليس المقصود من النهي عن أن يقول لهما(أف ) خاصة ، وإنما المقصود النهي عن الأذى الذي أقله الأذى باللسان بأوْجز كلمة ، وبأنها غير دالة على أكثر من حصُول الضجر لقائلها دون شتم أو ذم ، فيفهم منه النهي مما هو أشد أذى بطريق فحوى الخطاب بالأوْلى .
ثم عطف عليه النهي عن نهرهما. والنهر الزجر.
ثم أمر بإكرام القول لهما . والكريم من كل شيء : الرفيع في نوعه
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
خولة عبدالله محمد العباد
المرجع : التحرير والتنوير